كان الأمر أشبه بفيلم”.. تفاصيل مثيرة لمداهمة سلطات الهجرة في شيكاغو
شهدت مدينة شيكاغو الأمريكية خلال الساعات الأخيرة واحدة من أكثر عمليات المداهمة المثيرة للجدل في السنوات الأخيرة، بعدما نفذت سلطات الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) حملة مفاجئة استهدفت عدداً من الشقق السكنية التي يُعتقد أنها تضم مهاجرين غير شرعيين.
وصف الشهود ما حدث بأنه “مشهد سينمائي مرعب”، فيما أشعلت العملية موجة واسعة من الجدل السياسي والحقوقي داخل الولايات المتحدة.
فجر مضطرب في المدينة الصامتة
بدأت القصة في الساعة الرابعة فجراً، حينما استيقظ سكان أحد الأحياء الغربية في شيكاغو على أصوات طرق عنيفة على الأبواب وضوء سيارات الشرطة يملأ المكان.
قال أحد السكان المحليين لوسائل الإعلام الأمريكية:
> “كنا نعتقد في البداية أن الأمر يتعلق بعملية ضد عصابة مسلحة، لكننا اكتشفنا سريعًا أن قوات الهجرة هي التي تقود الحملة.”
وبحسب شهود العيان، شارك في المداهمة العشرات من عناصر وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (ICE) مدعومين بمروحيات ومركبات مدرعة، في مشهد أثار الرعب بين الأسر، خاصة العائلات المهاجرة.
عمليات اعتقال ومداهمات متزامنة
أعلنت السلطات الفيدرالية أن العملية استهدفت عدداً من الشقق التي تضم مهاجرين انتهت إقاماتهم القانونية أو صدرت بحقهم أوامر ترحيل سابقة.
وأكدت المتحدثة باسم وكالة ICE أن العملية جاءت “ضمن حملة وطنية لتنفيذ أوامر قضائية بحق المقيمين غير الشرعيين”.
وأضافت:
> “هدفنا هو تطبيق القانون فقط، وليس ترهيب المجتمعات المهاجرة.”
ومع ذلك، نقلت وسائل إعلام محلية أن أكثر من 120 شخصاً تم احتجازهم خلال المداهمة، بينما يجري التحقيق مع آخرين بشأن وضعهم القانوني.
ردود أفعال غاضبة
ما إن انتشرت صور المداهمات حتى اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بآلاف التعليقات.
العديد من النشطاء وصفوا المشاهد بأنها “قاسية وغير إنسانية”، مطالبين بوقف هذه الحملات التي تذكرهم بسياسات الإدارة السابقة.
من جانبها، قالت منظمة “حقوق المهاجرين في إلينوي” في بيان رسمي:
> “العمليات التي تستخدم الأسلحة والمروحيات في أحياء سكنية لا تليق بدولة تتغنى بالحرية وحقوق الإنسان.”
في المقابل، دافع مؤيدو الحملة عنها مؤكدين أنها “ضرورية لحماية النظام القانوني ومنع التسلل غير الشرعي الذي يضغط على الاقتصاد المحلي”.
خلفية سياسية ساخنة
تأتي هذه المداهمات في وقت حساس بالنسبة لإدارة الرئيس جو بايدن، التي تواجه انتقادات متزايدة من الجمهوريين بسبب ما يعتبرونه “تراخيًا في ضبط الحدود الجنوبية”.
في المقابل، يواجه بايدن ضغوطًا من الجناح التقدمي داخل حزبه الذي يرى أن الإجراءات الحالية “قاسية وغير متناسبة”.
ويشير مراقبون إلى أن توقيت العملية في شيكاغو ليس صدفة، بل يأتي كجزء من محاولة الإدارة لإظهار الحزم في ملف الهجرة قبل الانتخابات المقبلة، في وقت يشهد فيه الرأي العام الأمريكي انقساماً حاداً حول هذه القضية.
التأثير على الجاليات المهاجرة
تُعد مدينة شيكاغو من أكثر المدن الأمريكية تنوعاً من حيث الأعراق، حيث تضم جاليات كبيرة من المكسيك وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط.
ويخشى الكثير من المقيمين أن تكون المداهمة الأخيرة بداية لموجة جديدة من الحملات التي قد تطال حتى من لديهم أوراق إقامة مؤقتة.
وقالت سيدة مكسيكية تُدعى “ماريا لوبيز” لصحيفة محلية:
“نحن نعمل وندفع الضرائب ونعيش بسلام. ما حدث جعل الأطفال يخافون من الشرطة. لم نعد نشعر بالأمان حتى في منازلنا.”
تحقيقات داخلية وتبريرات رسمية
رداً على الانتقادات، أعلنت وزارة الأمن الداخلي أنها ستراجع تفاصيل العملية للتأكد من عدم وقوع أي تجاوزات.
وأكدت المتحدثة باسم الوزارة أن “جميع الإجراءات تمت وفقاً للقانون وبموجب أوامر قضائية”، مشيرة إلى أن بعض اللقطات المتداولة على الإنترنت “قد لا تعكس الصورة الكاملة”.
من جهته، قال مسؤول في إدارة الهجرة:
> “لدينا التزامات قانونية لا يمكن تجاهلها. لكننا نحاول تنفيذها بأقل قدر من الضرر الإنساني.”
وسائل الإعلام الأمريكية تنقل المشهد
تناقلت شبكات إعلامية كبرى مثل BBC وCNN وNBC Chicago تفاصيل المداهمة، مركزة على شهادات السكان وصور الطائرات المروحية فوق الأحياء السكنية.
واعتبرت بعض الصحف أن ما حدث يمثل “تحولاً جديداً في أسلوب تنفيذ قوانين الهجرة”، خاصة بعد أشهر من الدعوات لتقليل المواجهات الميدانية.
تحليل الخبراء: بين الأمن والإنسانية
يقول الخبير في شؤون الهجرة بجامعة إلينوي، الدكتور “جون ماثيوز”، إن مداهمة شيكاغو تعكس مأزق الإدارة الأمريكية في الموازنة بين تطبيق القانون واحترام حقوق الإنسان.
ويضيف:
> “كل عملية بهذا الحجم تترك آثاراً اجتماعية عميقة داخل المجتمعات المهاجرة. الأمن مهم، لكن الطريقة التي يُنفذ بها القانون لا تقل أهمية.”
الملف الذي لا ينتهي
بين مؤيد يرى أن القانون يجب أن يُطبق بحزم، ومعارض يعتبر ما جرى تجاوزاً للحدود الإنسانية، تبقى مداهمة الهجرة في شيكاغو حدثاً يعيد فتح النقاش القديم حول معنى “العدالة” في ملف الهجرة الأمريكي.
وفي ظل استمرار التوترات السياسية والاقتصادية، يبدو أن ملف الهجرة سيظل أحد أكثر الملفات سخونة في الولايات المتحدة لسنوات قادمة.