الصين تطلق مهمة Tianwen-2 لاستكشاف كويكب ومذنب في رحلة فضائية طويلة المدى
الكاتب: أهل كايرو | التاريخ: 9 أكتوبر 2025
تهدف المهمة إلى تحقيق هدف مزدوج يتمثل في استكشاف كويكب قريب من الأرض يُعرف باسم 1996 FG3، وجمع عينات من سطحه لتحليلها، ثم متابعة الرحلة لاحقًا لدراسة مذنب بعيد يُعرف باسم 311P/PANSTARRS، ما يجعلها مهمة فريدة من نوعها تجمع بين الكواكب الصغيرة والمذنبات في مشروع علمي واحد.
مهمة متعددة الأهداف تجمع بين العلم والتكنولوجيا
تُعد مهمة Tianwen-2 ثاني مشروع كبير ضمن برنامج “Tianwen” الصيني بعد نجاح Tianwen-1 في الهبوط على المريخ. لكن هذه المرة، تتجه الصين إلى أعماق جديدة من النظام الشمسي، حيث تسعى إلى فهم طبيعة الأجرام الصغيرة التي يُعتقد أنها تحمل مفاتيح نشأة الكواكب والمياه في المجموعة الشمسية.
وسوف تقوم المركبة بجمع عينات من سطح الكويكب، قبل أن تنطلق في مسار طويل الأمد نحو المذنب المستهدف. وتستمر الرحلة لسنوات عدة، ما يجعلها من أكثر المهمات الفضائية المعقدة من حيث التصميم والدفع والملاحة.
تكنولوجيا الدفع الأيوني المتطور
تعتمد المركبة على نظام دفع كهربائي-أيوني متطور يمنحها القدرة على تغيير مسارها بدقة عالية، وهو ما يُعد من أهم الابتكارات في تكنولوجيا الفضاء الحديثة. يسمح هذا النظام باستخدام كمية أقل من الوقود مقارنة بالمحركات التقليدية، مع توفير سرعة مستمرة على المدى الطويل.
كما زُودت Tianwen-2 بذراع آلية لجمع العينات، وأجهزة تصوير وتحليل طيفي لرصد التركيب الكيميائي لسطح الكويكب والمذنب، إلى جانب نظام اتصالات متقدم يتيح نقل البيانات إلى الأرض بدقة فائقة.
الصين في سباق الفضاء العالمي
تأتي هذه المهمة ضمن استراتيجية الصين لتوسيع نفوذها في مجال الفضاء، بعد سلسلة من النجاحات التي شملت الهبوط على الجانب المظلم من القمر، واستكشاف المريخ، وبناء محطة فضائية مأهولة تدور حول الأرض.
ويؤكد خبراء الفضاء أن الصين أصبحت منافسًا قويًا للولايات المتحدة ووكالة الفضاء الأوروبية، خاصة بعد أن أظهرت قدرات تقنية عالية واستقلالية تامة في تنفيذ مشاريعها الفضائية دون الاعتماد على التعاون الدولي التقليدي.
دلالات علمية وأهداف مستقبلية
تُعتبر دراسة الكويكبات والمذنبات خطوة أساسية لفهم كيفية تشكل النظام الشمسي، إذ تحتوي هذه الأجسام على مواد بدائية لم تتغير منذ مليارات السنين. ومن خلال تحليل العينات التي ستجمعها Tianwen-2، يأمل العلماء في الحصول على بيانات تساعد في الإجابة عن أسئلة تتعلق بأصل الحياة على الأرض.
كما تسعى الصين من خلال هذه المهمة إلى تعزيز قدرتها على تنفيذ رحلات فضائية بين الكواكب، تمهيدًا لمشاريع مستقبلية تشمل إرسال بعثات مأهولة إلى القمر وربما إلى المريخ في العقود القادمة.
رحلة تمتد لعقد من الزمن
وفقًا لتقارير وكالة الفضاء الصينية، من المتوقع أن تستغرق مهمة Tianwen-2 ما بين 8 إلى 10 سنوات. ستبدأ المراحل الأولى بجمع العينات من الكويكب القريب، ثم تنطلق المركبة في مسارها الجديد نحو المذنب البعيد باستخدام تقنية الجاذبية الأرضية للمناورة.
وسيتم تحليل العينات في مختبرات أرضية متقدمة بمجرد عودتها، لتكون المرة الأولى التي تنجح فيها الصين في جلب مواد من كويكب خارج نطاق الأرض.
الاهتمام الدولي والمتابعة العلمية
أثارت المهمة اهتمامًا واسعًا في الأوساط العلمية الدولية، إذ تمثل نموذجًا جديدًا للتعاون المحتمل بين الصين والدول الأخرى في مجال أبحاث الفضاء. وقد رحبت عدة مؤسسات علمية حول العالم بفكرة تبادل البيانات والنتائج بعد نجاح المهمة.
ويرى خبراء أن نجاح Tianwen-2 سيشكل نقطة تحول في تاريخ استكشاف الفضاء، وسيعزز من قدرة الصين على تنفيذ مهام أكثر تعقيدًا في المستقبل القريب.
خاتمة: بداية مرحلة جديدة في استكشاف الفضاء
تمثل مهمة Tianwen-2 الصينية نقلة نوعية في مسار استكشاف الفضاء، فهي ليست مجرد رحلة علمية، بل دليل على تطور القدرة التكنولوجية والبحثية للصين، ورغبتها في أن تكون جزءًا أساسيًا من مستقبل الإنسانية خارج كوكب الأرض.
ومع استمرار المنافسة بين القوى الكبرى، يبدو أن العقد القادم سيشهد سباقًا جديدًا من نوع آخر، عنوانه “من سيفتح أبواب النظام الشمسي أولاً؟”.